كيف يمكن للحج أن يغير حياتك

المدعومة

باقة العمرة

العناصر الأساسية لرحلتك الحجية

تعرف على المزيد
المدعومة

بطاقات الدعاء

بطاقات دعاء أصلية تحتوي على أدعية من القرآن الكريم والأحاديث النبوية للنمو الروحي اليومي.

تعرف على المزيد

إن رحلة الحج لا تشبه أي رحلة أخرى.

وهنا تتركز أفكار الإنسان على الله، وبإخلاص شديد.

عندما يصل المرء إلى الأماكن المقدسة، يجد أجواءً مفعمةً بالتقوى والسكينة. يزور المرء أماكن تشهد على عظمة الإسلام، وكل هذا يترك أثرًا لا يُمحى في نفسه.

إنها نعمة عظيمة أنعم الله بها علينا نحن العباد حتى نتقرب إليه ويغفر لنا ذنوبنا.

أشار النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آلهوسلم:

"من يحج دون أن يتكلم أو يرتكب فاحشة يعود خاليا من الذنوب كما كان يوم ولدت أمه". [البخاري ومسلم]

 

هناك فوائد عديدة نجنيها من هذه الرحلة. فمكة المكرمة هي المركز الذي يجب أن نلتقي فيه نحن المسلمين كل عام، فنلتقي ونجدد في أنفسنا الإيمان بأننا جميعًا متساوون، بغض النظر عن أصولنا الجغرافية أو الثقافية. وهكذا، يوحد الحج مسلمي العالم في أخوة دولية واحدة.

ويروي البعض أن الحج بالنسبة لبعض الناس هو غاية الجهاد، وفي مقابل ذلك يمنحهم الله الأجر العظيم.

قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم:

رحلة الحج تُغرس في قلب الحاج معنى اللجوء إلى الله، ولذة بلوغ القرب الإلهي. يقول الله تعالى في القرآن الكريم:

وإن كان المعنى معنوياً إلا أن له مظاهر حسية: فالحاج يترك بيته وأهله وزينته وماله ويترك الشهوات وينفق المال ويبذل الجهد الكبير ويتحمل مشقة السفر وعيش الغربة لزيارة بيت الله الحرام الذي يقول الله عنه:

"كل من يدخلها ينال الأمن." [سورة العمران 3:97]

 

يفر الحاج إلى بيت الله طالبًا النجاة في الدنيا والآخرة من ذنوبه وتقصيره، باحثًا عن فرصة لبدء صفحة جديدة، راجيًا أن يُدخله الله من الذين رضوا، لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

إن رحلة الحج المباركة تؤكد وحدة المسلمين، الذين يجتمعون في نفس الوقت والمكان لعبادة إله واحد، ويتجهون نحو قبلة واحدة.

بالنسبة للناس من جميع أنحاء العالم، يُمثل البيت الحرام وطنًا أكبر يُوفر لهم الأمن؛ ففي مكة المكرمة، "أم القرى" كما سماها الله، تُزال جميع الحواجز التي خلقتها الأعراق والبلدان واللغات والألوان والثقافات. لا فرق بين غني وفقير، فالجميع متساوون في حاجتهم إلى الله تعالى.

وهذا المشهد من مؤتمر حضاري لشعوب مختلفة يؤكده قول الله تعالى:

«إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً، وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ» [سورة الأنبياء 21:92]

ما هي بركات الحج؟

يمكن وصفها بتفصيل كبير. لكن في القرآن، حيث أمر الله إبراهيم بدعوة الناس إلى الحج، قال الله تعالى:

"فيشهدوا ما ينفعهم". [سورة الحج 22:28]

ومن ثم، فإن بركات الحج الحقيقية لا يدركها إلا من يؤديها فعلاً. وقد تردد الإمام أبو حنيفة، كما رُوي، في أي العبادات أفضل من العبادات المختلفة التي أقرها الإسلام.

لكن بعد أن حجّ، لم يتردد في إعلان أن الحجّ أفضل الشعائر. ستجد أن حبّك لله يزداد وأنت تستعدّ لحجّك، غايتك الوحيدة رضا الله.

بشوق قلبك إلى هدفك، تصير أطهر فكرًا وعملًا. تتوب من ذنوبك الماضية، وتطلب العفو ممن أخطأت في حقهم، وتسعى إلى ردّ الحقّ للآخرين عند اللزوم، حتى لا تذهب إلى محكمة الله مُثقلًا بظلمٍ ربما أخطأت فيه بحقّ إخوانك.

وبشكل عام فإن الميل إلى فعل الخير يشتد، والنفور من فعل الشر يزداد.

بعد مغادرة المنزلكلما اقتربت من بيت الله، ازدادت رغبتك في فعل الخير. تحرص على ألا تؤذي أحدًا وأنت تسعى لتقديم أي خدمة أو مساعدة تستطيعها للآخرين. تتجنب الإساءة والفحش والكذب والمشاجرات والمشاحنات لأنك تسير في طريق الله.

وهكذا فإن رحلتك بأكملها تشكل عملاً من أعمال العبادة.

فكيف إذًا تخطئ؟ هذه الرحلة، بخلاف غيرها، هي مسارٌ مستمرٌّ يصل من خلاله المسلم إلى تطهيرٍ تدريجيٍّ للذات. في هذه الرحلة أنتم حجاجٌ إلى الله.

ومن السهل الآن أن نرى أنه لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر، من لحظة اتخاذ القرار والاستعداد للحج إلى لحظة العودة إلى الوطن، يحدث تأثير هائل على قلوب وعقول الحجاج.

وهذه العملية تتضمن التضحية بالوقت، والتضحية بالمال، والتضحية بالراحة، والتضحية بكثير من الشهوات والملذات الجسدية، وكل هذا لمجرد الله، دون أي دافع دنيوي أو أناني.

إن الحياة مع التقوى والفضيلة المستمرة، والذكر الدائم لله، والشوق إليه ومحبته لدى الحاج، تترك أثراً على قلبه يدوم لسنوات.

ويرى الحاج في كل خطوة بصمات أولئك الذين ضحوا بكل ما لديهم في سبيل الله خضوعاً وطاعة.

إن هذا الدرس في الشجاعة والعزيمة، والدافع للجهاد في سبيل الله، الذي يستطيع عبد الله أن يستمده من هذه الآيات الواضحة والأمثلة الملهمة، لا يمكن أن يأتي من مصدر آخر غير الحج.

إن الارتباط الذي نشأ مع محور دينه من خلال الطواف حول الكعبة، والتدريب الذي تلقاه على عيش حياة المجاهد من خلال مناسك الحج (مثل الجري من مكان إلى آخر، والخروج المتكرر، والانتظار بصبر، وحصص الطعام، والامتناع عن الشهوات) هي نعمة عظيمة بالفعل.

إذا نظرنا إلى الحج، مع الصلاة والصيام والزكاة، سنجد أنه يُمهد للمهمة العظيمة التي يُريدها الإسلام من المسلمين. ولذلك فُرض على كل من يملك المال والقدرة البدنية اللازمة لرحلة الحج إلى الكعبة.

وهذا يضمن أنه في كل عصر هناك مسلمون مروا بهذا التدريب النهائي للجسد والعقل والروح.

دروس من الحج

الحياة بعد الحج

للحجّ دروسٌ كثيرةٌ ينبغي على المسلمين تعلّمها. فهو يُؤكّد أن المسلمين جميعًا أمةٌ واحدة، ويُرسّخ في نفوس الحجّاج قيم الإسلام الفريدة. باختصار:

الحب والإخلاص لله

علاقة المسلم بالله علاقة حبٍّ عميق، وإخلاص، وطاعة. نحب الله كما يحبنا:

"يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ..." [سورة المائدة: 5]

 

أحب النبي إبراهيم الله واتخذه الله خليل (خليل).:

يرتبط الحج ارتباطًا وثيقًا بالنبي إبراهيم وقصة حياته، فهو يمنحنا إحساسًا بالتاريخ.

إن إيماننا متجذر في التاريخ. هذا هو دين الله الذي أعطانا إياه أنبياؤه العديدون: آدم ونوح وإبراهيم وإسماعيل وأخيرا النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

هؤلاء هم الذين أحبوا الله، وأحبهم الله أشد الحب، فجعلهم هداة البشرية.

الروح العالمية للإسلام

يؤدي الحج أناس من كل الأجناس والألوان والجنسيات، ويصبحون واحداً دون أي طبقة أو تمييز.

التشابه في المظهر واللباس مع أداء الأعمال نفسها. روح الحج هي تعزيز الوحدة والأخوة العالمية بين المؤمنين.

إعطاء التركيز والمركز والتوجيه

قبلتنا واحدة، وهي وجهتنا للعبادة، مما يمنحنا وحدةً وهدفًا في حياتنا، استعدادًا للآخرة.

محور حياتنا هو الله وكتاب الله الذي يجب علينا التمسك به

السلام والوئام

يأتي الحجاج بسلام ويقضون وقتهم معًا بطريقة سلمية ومحترمة للغاية.

إنهم لا يؤذون أي شخص أو أي شيء.

هذه أيضًا روح الإسلام. الإسلام التزامٌ كاملٌ بالرعاية والرحمة واللطف. والحجّ رمزٌ لهذا الالتزام، ويجب أن يتجلى في حياتنا اليومية.

الحركة والعمل والتضحية

يستمر الحاج في حركته الدائمة، بالطواف والسعي، والذهاب إلى منى وعرفات ومزدلفة والجمرات وغيرها. إنها مناسك حيوية، وهكذا ينبغي أن تكون حياة المسلم. الحركة والعمل والتضحية؛ هذه الأمور تجلب النجاح في الدنيا والنجاة في الآخرة.

الحج من أحبّ العبادات إلى الله، فهو يجمع المسلمين في عبادته، ويربط الأمة بأصولها التوحيدية النقية التي أرساها إبراهيم عليه السلام، بالإضافة إلى استذكار وإحياء تجارب جدّنا الروحي وعائلته الكريمة.

وقد صمم الله الحج أيضًا ليجلب فوائد عديدة ومتعددة الجوانب: فهو يجردك من مشاغل الدنيا حتى تتمكن من التركيز على ذكر الله وتطهير قلبك؛ ويوفر لك تدريبًا وانضباطًا أخلاقيًا واجتماعيًا وجسديًا مكثفًا؛ وينبئ مرارًا وتكرارًا بمواقف الآخرة حتى تتمكن من تذكر حقيقتها والاستعداد لها.

فهو يذيب الفوارق السطحية بينك وبين المسلمين الآخرين، ويمنحك الفرصة لتطوير علاقات وروابط جديدة وطويلة الأمد معهم؛ ويذكرك بالعدو القديم الذي ستستمر في القتال ضده، حتى مع إيمانك المتجدد عندما تعود إلى الوطن.

فإذا أديت هذه العبادة لله وحده، وزينتها بذكره، وصالح أعمالك، ولطفك، ورفقك، وحسن خلقك مع إخوانك المسلمين، فإن ذلك إن شاء الله هو الحج المبرور الذي لا يورثك إلا الجنة، ويعيدك إلى بلدك بلا ذنوب كما ولدتك أمك.

أليس من نعم الله أن فرض الحج على من استطاع إليه سبيلًا؟ ومن رحمة الله أن يُغدق على عباده هذه النعم التي لا تُحصى عند سفرهم إلى بيته الحرام ضيوفًا.

هناك أمر أخير يريد الله أن يُغرسه فيك قبل الرحيل. كان العرب في الجاهلية يجتمعون في منى بعد إتمام مناسك الحج، ويتباهون بآبائهم ليرفعوا شأنهم بين العرب. والآن يقول الله للمؤمنين:

بعد الانتهاء من سلسلة من الشعائر التي تُدرّبك على ذكر الله باستمرار، يُريدك الله أن تُواظب عليها أكثر! وهكذا، عندما تعود إلى منزلك، تُصبح مُدمنًا على ذكر الله.

فكيف ينساه أحد وهو الذي هداك وباركك واختارك من بين ملايين المسلمين لزيارة بيته الحرام واتباع خطى إبراهيم وإسماعيل وهاجر ومحمد صلى الله عليه وسلم مثل كثير من المؤمنين الذين ساروا على هذه الأرض قبلك.